كآباء وممارسين، غالبًا ما نواجه سلوكيات صعبة أو مشكلات سلوكية تتطلب معالجة. وعادةً ما يُجرى تقييم وظيفي للسلوك (FBA) لتحديد وظيفة السلوك. من خلال أدواتٍ كالمقابلات ومقاييس التقييم والملاحظات المباشرة لوضع فرضية حول دافع السلوك (السبب). من خلال هذه الأساليب، يمكننا عادةً التوصل إلى استنتاج حول وظيفة أو هدف السلوك والتدخلات التي يمكننا استخدامها للحد منه.
ولكن كيف نتأكد من ذلك؟ وماذا لو كانت فرضيتنا خاطئة؟ هنا يأتي دور التحليل الوظيفي Functional analysis.
التحليل الوظيفي هو أسلوب منهجي ومحوري يستخدم في علم النفس السلوكي لتحديد العوامل البيئية التي تساهم في سلوكيات معينة وخاصة السلوكيات الإشكالية أو الصعبة. وفهم الأسباب الكامنة من ورائها "لماذا" يحدث السلوك وخاصة السلوكيات الصعبة التي غالبًا ما يتم ملاحظتها لدى الأفراد المصابين بالتوحد والاضطرابات التطورية الأخرى.
كما أنه نوع من التقييم الوظيفي يؤكد الفرضية المتعلقة بوظيفة السلوك الصعب أو السلوك المشكل باختبارها من خلال خلق ظروف تجريبية بإنشاء سيناريوهات مُحكمة يتم التلاعب بالعوامل البيئية للتحقق من:
مع رصد الاستجابات السلوكية لاختبار الدافع من السلوكيات المستهدفة وما يعززها. واختبار متغيرات مختلفة لاكتساب فهم أعمق لأنماط السلوك، مما يُسهم بشكل مباشر في وضع تدخلات تُلبي الاحتياجات الخاصة للأفراد.
كل سلوك له وظيفة مفادها أن جميع السلوكيات تخدم هدفاً ما، سواء كان الحصول على شيء مرغوب فيه، أو تجنب شيء غير سار، أو تلبية حاجة حسية. على سبيل المثال، قد يصاب الطفل بنوبة غضب لجذب الانتباه، أو تجنب مهمة ما، أو توصيل حاجة لم تتم تلبيتها.
الهدف من التحليل الوظيفي هو الكشف عن هذه الوظيفة من خلال فحص سياق السلوك ومثيراته وعواقبه. وهذا النهج متجذر في مبادئ علاج ABA، الذي يؤكد على العلاقة بين السلوك وبيئته. ويركز في جوهره حول ملاحظة السلوك المعني وجمع البيانات حول متى وأين وتحت أي ظروف يحدث واختبار الفرضيات لضمان التوصل إلى استنتاجات دقيقة حول المثيرات المحتملة والتدخل المناسب.
يقوم الممارس الذي ينفذ إجراء التحليل الوظيفي باختبار الفرضية بشكل مباشر بطريقة تجريبية، بدلاً من انتظار حدوث السلوك بشكل طبيعي بإجراء تغييرات متعمدة وقصيرة المدى ومنهجية على البيئة لتقييم آثار الظروف المختلفة على السلوك (السلوكيات) المستهدفة. ويعمل على تعزيزها لفترة وجيزة. ورغم أن هذا قد يبدو مُقلقًا وغير مُجدٍ، إلا أنه يُتيح لنا تحديد الوظائف (أو النتائج) الأكثر حساسية للسلوك المستهدف بشكل قاطع. وهذا مهمٌّ بشكل خاص عندما يكون السلوك صعب المعالجة.
هناك أربع أو خمس حالات "ظروف" تجرى عادةً كجزء من التقييم ويختبر الممارس ظرفًا واحدًا في كل مرة. كما الأتي:
نُقارن معدل السلوك في الحالات التجريبية بحالة الخط القاعدي أو الظرف الضابط (اللعب).من المتوقع أن تكون معدلات السلوك في أدنى مستوياتها في حالة اللعب/السيطرة نظرًا لعدم وجود دافع واضح للسلوك المُشكل. بتحديد أي ظرف يُنتج أعلى معدل تكرار للسلوك، يُمكننا أن نكون أكثر ثقةً بأن السلوك يُؤدي تلك الوظيفة أو الوظائف.
تُشير الأبحاث إلى أنه لا يوجد ضررٌ مُستدامٌ لفترات تعزيز السلوك المُشكل القصيرة الضرورية في التحليل الوظيفي.
عند إجراء التحليل السلوكي، تُجرى كل حالة من هذه الحالات عادةً من ثلاث إلى خمس مرات على الأقل، وتستغرق كل جلسة من خمس إلى خمس عشرة دقيقة. وعادةً ما تُجرى الجلسات بالتناوب حتى يظهر نمط واضح.
تكمن أهمية التحليل الوظيفي في تحليل السلوك التطبيقي (ABA) في منهجه المنهجي في جمع البيانات وتحليلها لتحديد العوامل البيئية المؤثرة على السلوك؛ لفهم السلوك. فمن خلال تحديد وظائف السلوكيات الصعبة:
يتم استخدام FA على نطاق واسع في مجالات مختلفة، بما في ذلك علم النفس والتعليم وتحليل السلوك، للمساعدة في معالجة وتعديل السلوكيات الإشكالية أو التخريبية.
إرشادات لإجراء التحليل الوظيفي في بيئات مختلفة
يتضمن إجراء التحليل الوظيفي (FA) التخطيط الدقيق والنظر في البيئة التي سيحدث فيها. سواء في المدرسة أو المنزل أو البيئة السريرية، تتضمن المبادئ التوجيهية للتنفيذ الفعال لـ FA ما يلي:
عندما يُؤثر سلوك الطالب على تعلمه أو تعلم الآخرين، أو يُشكل خطرًا على نفسه أو على الآخرين، أو يُؤدي السلوك إلى إيقاف مؤقت عن الدراسة والتدريب لمدة طالت عن الحد المقبول.
وعادةً، يعتمد استخدام إجراءات التحليل الوظيفي على مستوى مهارة المُمارس، والموارد المُتاحة له، والبيئة نفسها.
يتطلب إجراء التحليل السلوكي خبرةً عاليةً لضمان فعاليته. يجب أن يطبق من قبل أفرادٌ ذو خبرةٍ في استخدام الإجراء (أو تحت إشراف شخصٍ ذي خبرة).
إذا كنت تعتقد أن التحليل الوظيفي ضروري مع عميل أو طالب أو طفل، فتواصل مع متخصص لطلب التوجيه والإرشاد المطلوب.
وفي النهاية، يتطلب تطبيق التحليل الوظيفي فهمًا قويًا لأسسه النظرية وتطبيقاته العملية، مما يستلزم تدريبًا شاملاً للممارسين. مع استمرار تطور الأبحاث، تتطور أيضًا منهجيات وتطبيقات كل من التحليل الوظيفي وتقييم السلوك الوظيفي، مما يضمن بقائهما في طليعة استراتيجيات التدخل السلوكي الفعالة.
المصادر:
لاتوجد تعليقات