ما هي وظائف السلوك الأربعة لعلاج التحليل السلوكي التطبيقي؟

 لماذا يرمي الطفل طعامه؟ لماذا يهرب الطفل؟ لماذا يصاب الطفل بنوبة غضب؟

تحدث جميع السلوكيات لسببٍ ما. الأطفال من خلال سلوكهم، ينقلون إلينا شيئًا ما، ومهمتنا هي معرفة ما هو هذا الشيء لفهم الغاية من سلوكياتهم، ولتشجيع الأفعال الإيجابية وتثبيط العادات السيئة، علينا أولًا فهم الوظائف الأربع للسلوك.

يمكن حصر جميع السلوكيات في سبب واحد (أو أكثر) من أربعة أسباب، يمكن بتحديد وظيفة السلوك  أن يُساعد في توجيه خطة علاجية تُساعد في تقليل سلوك مُحدد أو زيادته.

في هذه المقالة، نستعرض كل وظيفة من الوظائف الأربع للسلوك.

 ما هي وظائف السلوك الأربع؟

الوظائف الأربع الرئيسية للسلوك هي الانتباه، والهروب، الحصول على شيء ملموس، الاستثارة الحسية. تُمكّننا هذه الوظائف الأربع من فهم أفعال الشخص وتصنيفها، بالإضافة إلى تحديد أسباب حدوثها.

يمكن أن تُعزى جميع الأفعال إلى إحدى هذه الوظائف السلوكية الأربع Four Functions of Behavior

1- الانتباه أو الاهتمام Attention

الوظيفة الأولى للسلوك هي الحصول على الاهتمام أو الانتباه. يحدث سلوك البحث عن الإهتمام عندما يطلب الشخص رد فعل أو استجابة من شخص آخر. يُعد البكاء ونوبات الغضب من الأمثلة الشائعة على عادات البحث عن الاهتمام في مرحلة الطفولة. لثني الطفل عن هذا السلوك، يكمن الحل في تجاهل السلوكيات المُشكلة، لأن هذا يُظهر أن السلوكيات السلبية لن تُكافأ. قد يكتفي طالبو الاهتمام بأي نوع من الاهتمام، سواءً كان إيجابيًا أم سلبيًا.

من أمثلة الأخرى على الاهتمام:

  • الثناء، كالهتاف وكلمات التشجيع.

  • التوبيخ، أو الرفض، أو إبعاد يد الطفل.

  • إعادة توجيه انتباهك إلى طفلك.

  • إظهار خيبة الأمل أو الإحباط من خلال تعابير الوجه ولغة الجسد.

طفلة تنظر لوالدتها المنشغلة بالكمبيوتر تطلب الاهتمام

2- الهروب Escape

عادةً ما تحدث سلوكيات الهروب عندما يرغب المتعلم في تجنب أو الهرب من القيام بشيء ما. وهذا أمر شائع في فترات جلسات علاج تحليل السلوك التطبيقي.

على سبيل المثال، إذا لم يرغب الطفل في إكمال أحجية أو قراءة كتاب، فقد يهرب من المعالج لتجنب النشاط التعليمي. 

كما تحدث سلوكيات الهروب عندما يحاول الطفل المصاب بالتوحد تجنب مهمة ما أو الابتعاد عن الكثير من المدخلات الحسية دفعةً واحدة. قد يتجاهل شيئًا ما عن طريق إبعاد رأسه أو إخفاء عينيه. كما قد يغادر البيئة المحيطة به تمامًا بالمشي أو الجري. قد يشكل هذا خطرًا محتملًا على الطفل أو على من حوله. لذلك، من المهم وجود مكان أو غرفة مخصصة يمكن للطفل الذهاب إليها وتكون آمنة له عند الحاجة إلى الهروب. تحتوي العديد من المراكز على غرفة حسية يمكن للطلاب الهروب إليها، مما يساعدهم على إعادة تنظيم أنفسهم باستخدام جدران مبطنة وأرجوحة وأدوات أخرى حسية.

طفل صغير يهرب من والده داخل مركز تجاري

3-الوصول إلى الأشياء الملموسة Access to Tangibles

يحدث هذا عندما يرغب الطفل  في الحصول على معززات مفضلة، تُعرف أيضًا بالمكافآت. تأتي المكافآت بأشكال وأنواع مختلفة:

  • ألعاب مثل: المكعبات، والبطاقات، والسيارات.

  • أطعمة مثل: رقائق البطاطس أو الحلويات.

  • أجهزة إلكترونية: مثل التلفزيون، أجهزة الآيباد، والموسيقى.

كما قد يتناول الناس الحلوى كمكافأة على لعبة جيدة أو إنجاز مهمة، ينطبق الأمر نفسه على المصابين بالتوحد أ الاضطرابات التطورية الأخرى. قد يكون الوصول إلى الأشياء الملموسة مفيدًا جدًا كمكافآت، ولكنه قد يأتي بنتائج عكسية ويؤدي إلى سلوك غير مرغوب فيه إذا لم يتم بشكل صحيح. خاصةً أن السلوكيات المتعلقة بالوصول تحدث حول أشياء لا يستطيع الطفل الوصول إليها بمفرده.

عند محاولة الحصول على مكافأة ملموسة، قد يقوم الطفل بما يلي:

  • التوسل.

  • الصراخ، البكاء، أو الغضب الشديد.

  • الضرب أو العض.

  • انتزاع الشيء من شخص آخر.

عندما يُنجز الطفل مهمةً ضرورية، فإنّ الوصول إلى أشياء ملموسة يُمكن أن يكون مكافأةً رائعة. على سبيل المثال، يُكمل الطفل روتينه الصباحي من ارتداء ملابسه وتنظيف أسنانه. يُمكن للوالد أن يقول: "أحسنتَ! لقد فعلتَ كل ذلك بنفسك، ومقابل ذلك، ستحصل على 15 دقيقة لمشاهدة برنامجك المُفضّل على يوتيوب قبل الإفطار". يُمكن لمزيج من العبارات الإيجابية والأشياء الملموسة أن يُساعد في تشكيل سلوكيات الطفل وتحفيزه على إكمال المهام المطلوبة منه.

طفل يطلب من والده اللعب للحصول على لعبة أو مكافأة، محاولة إقناع الأب

4- الاستثارة الحسية Sensory Stimulation 

الإثارة الحسية (المعروف أيضًا باسم الاحتياجات الحسية sensory needs) تحدث الإثارة الذاتية  عندما يرغب الأطفال في تجربة إحساس ممتع أو تعويض شعورهم بعدم الراحة. قد يسعى الأطفال أيضًا إلى  الاستثارة لإثارة حساسيتهم أو إزالة حساسيتهم، حسب احتياجاتهم الحسية.

هذا عندما يرغب الطفل في الحصول على مدخلات حسية لمساعدة أنظمته العضلية الهيكلية والعصبية على تلقي ردود الفعل بشكل أسهل. يتمتع الأطفال المصابون بالتوحد بوعي جسدي إما ضعيف أو مفرط الحساسية للمدخلات الطبيعية. على سبيل المثال، يمكن أن تكون السترة التي تسبب الحكة مزعجة للشخص العادي وقد يعتاد عليها من خلال ارتدائها كثيرًا أو تجاهلها. ومع ذلك، بالنسبة لشخص مصاب بالتوحد، فإن هذه السترة التي تسبب الحكة تعطل شعوره تمامًا ولا يمكن لجسمه معالجة الشعور بشكل طبيعي لذلك يمكن أن تسبب عادةً هيجان أو يمكن أن تكون الشيء الوحيد الذي يمكنهم التفكير فيه طوال اليوم.

بالنسبة للإثارة التلقائية عادةً ما يفعل الأطفال المصابون بالتوحد شيئًا ما بحركة متكررة. وهذا يساعد أجسامهم على تلقي ردود الفعل الحسية بشكل أسهل.

من الأمثلة على ذلك:

  • رفرفة اليدين.

  • الدبدبة بالقدمين.

  • التأرجح ذهابًا وإيابًا.

  • لمس الأشياء أو الأشخاص.

  • إصدار أصوات عالية وأصوات عالية.

  • النقر بالقلم.

  • إدخال لعبة وإخراجها.

  • تدوير شيء ما ذهابًا وإيابًا.

  • القفز.

  • الوثب.

طفل يرفرف بيده في الهواء، تعبير عن الفرح أو الترحيب

عادةً، لا بأس بالإستثارة الحسية إلا إذا كان يضر الطفل أو من حوله. في هذه الحالة، سيعمل معالج تحليل السلوك التطبيقي على إعادة توجيه التحفيز الحسي الضار إلى شيء أكثر أمانًا.

تحديد وظيفة السلوك

لتحديد وظيفة أي سلوك، راقب متى وأين يتكرر السلوك، وماذا يحدث قبله وبعده مباشرةً. هذه الملاحظات تساعدك على الكشف عن الأنماط والمثيرات والنتائج المحتملة، والتي بدورها ستكشف عن الوظيفة الكامنة وراء السلوك. لمزيد من المعلومات حول هذه العملية، يمكنك الاطلاع على مقالنا عن التقييم الوظيفي.

فهم التعزيزات الإيجابية والسلبية

بشكل عام يمكن أن تخدم النتائج السلوكية أحد الهدفين  من السبب وراء هذه السلوكيات هو:

  •  إما الحصول على شيء ما أو إزالة شيء ما. عندما يتصرف الطفل بطريقة للحصول على شيء ما ؛ يطلق عليه التعزيز الإيجابي.

  •  من ناحية أخرى التعزيز السلبي هو إزالة شيء مزعج للطفل. 

يمكن تحديد دافع الطفل وراء أفعال أو سلوكيات محددة من خلال فهم وظائف السلوك الأربع؛ لكن من المهم أن نتذكر أن سلوكًا واحدًا يمكن أن يحتوي على وظيفتين أو أكثر. بالإضافة إلى ذلك من المهم فهم كل من التعزيز الإيجابي والسلبي من أجل فهم سبب حدوث السلوك بشكل كامل.

لماذا يُعد فهم وظائف السلوك أمرًا بالغ الأهمية في علاج تحليل السلوك التطبيقي (ABA)؟

  1. تخصيص التدخلات: يُعدّ إدراك السبب الكامن وراء سلوك ما أمرًا أساسيًا لوضع استراتيجيات فعّالة. على سبيل المثال، إذا سعى الطفل إلى جذب الانتباه من خلال نوبات الغضب، فإن تجاهل السلوك (التجاهل المُخطط له) قد يكون أكثر فعالية من إعطائه الاهتمام من خلال التوبيخ. على سبيل المثال، يُمكن لتحديد أوقات مُحددة للتفاعل الفردي أن يُلبي حاجة الطفل إلى الاهتمام بطريقة إيجابية وبناءة. لا يقتصر هذا النهج على مُعالجة السلوك الفوري فحسب، بل يُعزز أيضًا شعور الطفل بأنه مُسموع ومُقدّر.
  2. التنبؤ بالسلوك: يُساعد فهم وظيفة السلوك في توقع متى قد تحدث سلوكيات مُعينة، بناءً على الإشارات أو المُقدمات البيئية. على سبيل المثال، إذا كان الطفل يميل إلى إظهار سلوكيات الهروب في المواقف الصاخبة والمزدحمة، فإن فهم ذلك يُمكن أن يُؤدي إلى إعداد الطفل مُسبقًا لمثل هذه السيناريوهات أو تهيئة بيئة هادئة وآمنة له.  لا يخفف هذا النهج الوقائي من السلوكيات الصعبة فحسب، بل يساعد الطفل أيضًا على الشعور بمزيد من الأمان والفهم في بيئته.
  3. استبدال السلوكيات: يتمحور علاج تحليل السلوك التطبيقي حول تزويد الأطفال بالأدوات التي يحتاجونها للتواصل بفعالية والتي تُلبي نفس الحاجة. على سبيل المثال، يُمكن أن يكون تعليم الطفل استخدام الكلمات أو الإشارة باليد لجذب الانتباه سلوكًا بديلًا. تُمكّن هذه المهارات الجديدة الطفل من التعبير عن احتياجاته ورغباته بطريقة اجتماعية جذابة ومُرضية له ولمن حوله. إنها خطوة تطورية إيجابية، تُعزز نمو كيفية تفاعله مع عالمه.

 من خلال تحديد هذه الوظائف، يمكن للمعالجين البدء بالفعل في وضع خطة تمكنهم من إعادة توجيهه عند حدوث سلوك غير مرغوب فيه، بالإضافة لتعليم الأطفال تلبية احتياجاتهم بطريقة إيجابية لضمان الاتساق السلوكي في جميع البيئات.

 

(0) التعليقات

    لاتوجد تعليقات

اترك تعليقا

لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك

اشترك الآن في النشرة البريدية لتصلك أحدث المستجدات العلمية وآخر التحديثات التدريبية